يحتاج بعض المرضى إلى عمليات جراحية دقيقة لا يُتقِنها إلّا بعض الأطباء في بلدان أخرى، وقد تكون أنت واحدًا منهم أيُّها الطبيب، ولعلّك لا تدري أنَّ السياحة العلاجية تُدرّ دخلًا على بعض الدول باستقطاب هؤلاء المرضى؛ لذلك فالأطباء بحاجةٍ إلى التسويق للسياحة العلاجية وعرض خدماتهم أمام الجمهور من الدول الأخرى، والذين ينتظرون بفارغ الصبر أن يجدوا من يقدر على إتمام رحلة علاجهم بنجاح، وفي هذا المقال من مُدوّنة أبر مدك نُقدِّم لك الدليل الكامل للتسويق للسياحة العلاجية أونلاين.
ما هي السياحة العلاجية؟
هي السفر إلى بلدٍ ما لتلقّي الرعاية الصحية أو العلاج المطلوب، سواء كان ذلك من خلال عملية جراحية أو عملية تجميلية أو رعاية للأسنان أو غير ذلك من الوسائل العلاجية، وتُوفِّر بعض الدول علاجًا عالي الجودة لغرض السياحة العلاجية واستقبال من يحتاجون إلى أنواعٍ مُحدّدة من العلاج.
ويُفضِّل كثير من الناس السياحة العلاجية لقلة تكلفتها، إضافةً إلى الحصول على رعاية صحية عالية الجودة، وتوفُّر سبل علاجية مُتنوّعة لحالتهم الصحية.
الفرق بين السياحة العلاجية والسياحة الاستشفائية
عادةً ما يقع خلط بين مفهومَي “السياحة العلاجية” و”السياحة الاستشفائية”، فالسياحة العلاجية تعني سفر المريض لتلقّي علاج جراحي أو طبي أو للبحث عن رعاية طبية ذات جودة عالية مقارنةً بالتي يتلقّاها في بلده الأم.
أمّا السياحة الاستشفائية، فهي لا تهدف إلى علاج مرضٍ أو الحصول على عملية جراحية أو تجميلية، وإنَّما تهدف إلى الحفاظ على الصحة والتنعُّم ببعض الرفاه، وهي تُركِّز بالأحرى على الوقاية من الأمراض لا العلاج، فالباعث على السياحة العلاجية مختلف كل الاختلاف عن السياحة الاستشفائية.
خصائص السياحة العلاجية |
خصائص السياحة الاستشفائية |
يحتاج الراغب في السياحة العلاجية إلى تلبية مُتطلّبات بعينها له، مثل:
|
أمّا السياحة الاستشفائية، فلا يكون القرار فيها بنفس أهمية القرار المُتخذ في حالة السياحة العلاجية، كما أنّها تعتمد على:
|
لماذا تحتاج إلى التسويق للسياحة العلاجية؟
تُمثِّل السياحة العلاجية مكسبًا كبيرًا لعيادات الأطباء إن استهدفوا المرضى من بلدان أخرى وعرضوا عليهم خدمات الرعاية الصحية ذات الجودة العالية التي يُقدِّمونها، وتُساعِد خطة التسويق الجيدة في زيادة حجم المرضى الدوليين لعيادتك بنسبة 20 – 40%، والهدف هو توعية الجمهور بخدمات العيادة أو المستشفى، ما يدفعهم إلى حجز تذاكر السفر للقدوم إليك خصيصًا والاستفادة من خدماتك الطبية، وهذا بدوره يزيد إيرادات العيادة ويخلق للطبيب سُمعة قوية في بلدان أخرى.
أهداف السياحة العلاجية بالنسبة إلى عيادات الأطباء
من الضروري لأي طبيب البحث عرض خدمات السياحة العلاجية للمرضى من دولٍ آخر، خاصةً الدول المجاورة له، مُستهدِفًا الباحثين عن خدماته الفريدة، فإذا وضع الطبيب استراتيجية تسويقية للوصول إلى المرضى المُحتملين في بعض الدول، فيُمكِنه مثلًا السعي وراء زيادة عدد المرضى الأجانب بنسبة 20% خلال الأشهر ال12 المقبلة من تنفيذ إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي واستراتيجيات التسويق بالمحتوى، وهذا يخلق لعيادة الطبيب سُمعة أكبر تتجاوز الدولة التي يسكن بها، كما أنّه سيزيد حتمًا عدد المرضى الأجانب القادمين إليه مستقبلًا، ما يزيد إيرادات العيادة بلا شك.
كذلك تحظى بعض العمليات الجراحية بشعبية واسعة بين قطاعات مختلفة من الشعوب، وقد يكون الطبيب مُتقِنًا لهذه العملية، ومِنْ ثَمّ يُمكِنه استهداف الدولة التي يقطن بها هؤلاء المرضى باستراتيجيات التسويق المختلفة، واستقبال المرضى وزيادة عدد العمليات الجراحية التي أجراها للأجانب، فهذا يُساعِد أيضًا في تعزيز سُمعته خارج في الدول الأخرى، كما أنّه يبني علاقات طويلة الأمد مع المرضى الأجانب.
استراتيجيات التسويق للسياحة العلاجية
ولتحقيق ذلك الغرض وكسب جمهور دولي لك، ينبغي اتّباع بعض استراتيجيات التسويق المُخصّصة للسياحة العلاجية، ومن أبرزها ما يلي:
1. معرفة الجمهور واهتماماته (Target Audience)
معرفة الجمهور المستهدف أمر في غاية الأهمية في سياق السياحة العلاجية، وذلك لتطوير استراتيجية تسويق فعّالة تستهدف هذا الجمهور وتُلبِّي رغبته بدقة، فالجمهور لن يرغب في خدمةٍ طبية هو في غنى عنها أو ليس بحاجةٍ ماسّة إليها.
فمثلًا إن كانت بلدةٌ يُعانِي أغلب سُكّانها السمنة، ويبحثون عن طبيب خبير لإجراء عملية من عمليات السمنة، فهُنا يُمكِن لجرّاح السمنة عرض خدماته واستهداف هذا الجمهور بخلاف ما لو كان جرّاحًا في تخصصٍ آخر يستهدف نفس سكان البلدة الذين قد لا يكونون بحاجةٍ حقيقةٍ إلى خدماته.
ويُمكِن معرفة الجمهور المُستهدَف وتحديد رغباته بدقة من خلال:
- وسائل التواصل الاجتماعي: تُساعِد منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وإنستجرام وتويتر في تجميع المعلومات اللازمة حول جمهورك ورغباته، كما يُمكِن استخدام تحليلات وسائل التواصل الاجتماعي “Social media analytics” لفهم سلوك الجمهور ورغباته والموقع الجغرافي له.
- الاستبيانات على الإنترنت: يُمكِن استخدام الاستبيانات في تجميع إجابات الجمهور، ومعرفة أبرز ما يحتاجون إليه لتُقدِّمه لهم.
- استخدام “Google AdWords”: يُساعِد ذلك في إجراء بحث الكلمات المفتاحية وفهم ما يبحث عنه جمهورك على الإنترنت؛ استعدادًا للظهور أمامهم عارضًا خدماتك عليهم، كما يُوضِّح ذلك أيضًا احتياجات الجمهور وتفضيلاتهم بدقة.
- استخدام الأدوات الديموغرافية: مثل جوجل تريند “Google trends” و”Facebook audience insights”، والتي تُساعِد في توفير المعلومات السُكّانية اللازمة عن الجمهور المُستهدَف، ومعرفة شخصية المُشتري “buyer persona” بدقة كبيرة.
- إلقاء نظرة على المنافسين: يُفضَّل تحليل المواقع الإلكترونية، وصفحات التواصل الاجتماعي للمنافسين في السياحة العلاجية؛ لمعرفة استراتيجيتهم وكيف تتفوّق عليهم في استهداف الجمهور.
2. تحديد الموقع الجغرافي للمريض
من المهم فهم المنطقة التي يسكن فيها المريض، وأهم الأمراض المنتشرة فيها سواء كانت الأمراض المُعدية أم غير المُعدية، مثل السمنة ومرض السكري وما إلى ذلك، وكذلك ينبغي معرفة المناطق التي يتركّز فيها المرضى دونًا عن غيرها لاستهدافهم وعرض خدماتك عليهم، ويُمكِن بحث المنطقة الجغرافية للمرضى من خلال:
- مُراجعة بيانات المرضى الحاليين: مثل المدينة والمحافظة أو البلدة التي يسكن فيها، فهذا يُعطِي صورة واضحة حول أماكن تواجدهم، خاصةً لو أتى إليك أكثر من مريض من بلدة واحدة في دولة أخرى، كما يُمكِن استخدام بعض الأدوات، مثل “Google analytics” و”Google maps” لتتبُّع زيارات موقعك الإلكتروني ومعرفة أماكن المرضى الذين يزورون موقعك الإلكتروني وبالتأكيد الراغبين في خدماتك.
- بحث السوق: وذلك من خلال الاستبيانات والمقابلات؛ لجمع المعلومات اللازمة عن المرضى المُحتملين وأماكنهم ومدى قدرتهم على السفر إليك.
- استخدام نظم المعلومات الجغرافية (GIS): لتحليل وإدارة وعرض البيانات حول المرضى وأماكن انتشار المرضى والتريندات البارزة تبعًا للموقع الجغرافي، وما يتقاطع من هذه الاهتمامات والتريندات مع ما تُقدِّمه في العيادة أو المستشفى.
3. التسويق من خلال الموقع الإلكتروني (Website Marketing)
من دون موقعٍ إلكتروني لك أو لعيادتك، فأنت غير موجود على الأرجح بالنسبة إلى جمهورك في الدول الأخرى والذي يسعى بحثًا عن خدماتك بلا شك، ولذلك ينبغي الشروع في إنشاء موقع إلكتروني خاصٍ بك أو استخدام المواقع الإلكترونية المُخصّصة للسياحة العلاجية وعرض خدمات الأطباء، مثل عيادة الخليج.
وينبغي أن يكون الموقع الإلكتروني مُصمَّمًا بعناية بحيث يكون جذّابًا للزوّار، وسهل التصفح، كما ينبغي مراعاة قواعد تحسين محركات البحث (SEO) واستخدام الكلمات المفتاحية التي يبحث عنها مرضاك بدقة.
كذلك ينبغي في الموقع الإلكتروني نشر محتوى طبي بصفة دورية ذي علاقة بتخصصك والخدمات التي تُقدِّمها للظهور أمام جمهورك في نتائج مُحرّكات البحث، وهو ما تُوفِّره منصة عيادة الخليج، إذ تُروِّج للأطباء في دول مجلس التعاون الخليجي.
4. تحديد قنوات السياحة العلاجية الفعّالة بالنسبة لجهدك التسويقي
استراتيجيات التسويق كثيرة ومتنوعة عمومًا سواء في السياحة العلاجية أو غيرها، ولا شك أنّ بعض قنوات التسويق تأتي لك بعددٍ أكبر من المرضى مقارنةً بغيرها، ولذلك ينبغي تحديد أكثر القنوات التسويقية فعّالية لتكثيف الجهود من خلالها، وأيضًا رفع كفاءة القنوات الأخرى، ومن أبرز القنوات المُستخدَمة في السياحة العلاجية ما يلي:
- تحسين محركات البحث (SEO): يعني بتحسين الظهور في نتائج مُحرِّك البحث جوجل لزيادة عدد الزوّار لموقعك الإلكتروني.
- وسائل التواصل الاجتماعي: هي ضرورية للوصول إلى جمهورك المُستهدَف وتعزيز الوعي بعلامتك التجارية، خاصةً فيسبوك وإنستجرام وتويتر (X حاليًا).
- التسويق بالبريد الإلكتروني: وذلك بإرسال بريد إلكتروني يستهدف رغبات المرضى ويُلبِّي احتياجاتهم مع إطلاعهم على أحدث التطورات والتقنيات المتوفرة في العيادة أو المستشفى.
- التوصيات: ربّما تكون أهم من كل ما سبق، وهي تشجيع المرضى الحاليين الذين زاروك بالفعل على توصية غيرهم بزيارتك وتقديم تقييمات إيجابية للخدمة التي قدّمتها لهم.
السياحة العلاجية في مصر
تُعدّ مصر من البلاد الرائدة في منطقة الشرق الأوسط والعالم في السياحة العلاجية، إذ حلّت في المرتبة الرابعة إقليميًا، والمرتبة السادسة والعشرين عالميًا على صعيد السياحة العلاجية، إذ تمتلك مصر نخبة من أكفأ الأطباء والجرّاحين من مختلف التخصصات، ومستشفيات مُجهّزة على أعلى مستوى، إلى جانب الأسعار التنافسية، في ظل طقس مُعتدل وتراث ثقافي يحفّ مصر من شمالها إلى جنوبها.
السياحة العلاجية في المملكة العربية السعودية
نمت السياحة العلاجية في المملكة العربية السعودية، ويُتوقَّع أن تزداد بنسبة 4.6% في الفترة بين 2022 – 2028، وتتميّز المملكة العربية السعودية بامتلاك مستشفيات على أعلى مستوى، وتوفُّر تقنيات طبية حديثة.
وتنقسم السياحة العلاجية في المملكة العربية السعودية إلى جراحة العظام وأمراض النساء والقلب والأوعية الدموية والأطفال وطب الأسنان والخصوبة وعمليات التجميل وغيرها.
ويرتكز سوق السياحة العلاجية في المملكة على وكالة السياحة العلاجية في الخليج العربي، ومستشفى الملك عبد الله التخصصي للأطفال، والمركز السعودي لزراعة الأعضاء، ومستشفى الدكتور سليمان فقيه، ومستشفى الريان، ومجموعة عبير الطبية، وغيرهم، وهذه التنافسية تُساعِد في تقديم أفضل خدمات ممكنة للمرضى القادمين إلى المملكة العربية السعودية من دول أخرى.
وفي عام 2020 خصخصت الحكومة السعودية 295 مستشفى حكوميًا، إذ قدّمت الهيئة العامة للاستثمار في المملكة ملكية بنسبة 100% للمستثمرين الأجانب في قطاع الرعاية الصحية، ما يدفع المملكة للمنافسة في سوق السياحة العلاجية العالمية، كما وُقِّعت مُذكِّرة تفاهم بين الهند والمملكة العربية السعودية لتطوير البنية التحتية للسياحة المستدامة عبر مشاركة التكنولوجيا وأفضل الممارسات وتشجيع الاستثمارات المُتبادَلة في السياحة العلاجية.
السياحة العلاجية في تركيا
تُعدّ تركيا من الوجهات الميزة للسياحة العلاجية، ففي عام 2002 بلغت نسبة السياحة التركية من التكاليف الصحية 1%، وبحلول عام 2020 قفزت هذه النسبة إلى 4.5%، بل قد حقّقت تركيا مكاسب تُقدَّر ب1,492,438 دولار أمريكي عام 2019 من السياح الأجانب وسكّان البلدان الأخرى الذين سافروا إلى تركيا لأسباب طبية.
وفي عام 2021 تلقّى ما يقرب من 670,730 شخصًا خدمات السياحة العلاجية في تركيا، وبلغت المكاسب ما يقرب من 1,726,073 دولار أمريكي من السياحة العلاجية.
ملخص عن التسويق للسياحة العلاجية أونلاين
يسعى بعض المرضى للوصول إلى أطباء أكفاء ولو من دول أخرى؛ لتلقّي نوعًا معينًا من العلاج أو إجراء عمليات جراحية مُعيَّنة لا يُتقِنها إلّا بعض الأطباء، وهنا ينبغي للطبيب الانتباه إلى السياحة العلاجية والبدء في استراتيجيات تسويقية تستهدف هؤلاء المرضى لزيادة إيرادات عيادته، واكتساب سُمعة قوية في أوساط شعوب أخرى، ستأتي إليه طلبًا لخدماته.
ويسبق وضع استراتيجية التسويق معرفة الجمهور المُستهدَف أولًا واهتماماته، فمن يرغب بعمليات السمنة سيحتاج جرّاح سمنة خبير، وجرّاح السمنة الخبير بحاجةٍ إلى استراتيجيات تسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي وموقع إلكتروني ووجود قوي على الإنترنت للظهور أمام المرضى، وتتميّز مصر بوجود نخبة من الأطباء والجرّاحين على أعلى مستوى، كما تحلّ مصر في المرتبة الرابعة إقليميًا على صعيد السياحة العلاجية، وتتصاعد السياحة العلاجية أيضًا في المملكة العربية السعودية في حالة نمو مُطّرد، وتُركيا تُعدّ وجهة لكثيرٍ من الناس حول العالم للسياحة العلاجية وقد ازدهرت أيضًا مؤخرًا هناك.